اليمن: بعد تسع سنوات من الصراع وسنتين من الهدنة, ازدياد أعداد الطلاب المتسربين من التعليم
صنعاء،٢٥مارس ٢٠٢٤– بعد مرور تسعة سنوات على اندلاع الصراع في اليمن, طفلين من كل خمسة أطفال، أي ما يعادل ٤.٥ مليون طفل متسربون من التعليم ويتضاعف احتمال ترك المدرسة لدى الأطفال النازحين مقارنة مع أقرانهم، وفقًا لتقرير جديد اصدرته منظمة رعاية الطفل.
وقد خلص التقرير الذي يحمل عنوان "على المحك: سعي الأطفال اليمنيين للتعليم" إلى أن ثلث الأسر اليمنية التي شملها الاستطلاع لديها على الأقل طفل واحد ترك المدرسة خلال السنتين الماضيتين، وذلك على الرغم من الهدنة التي تم التوصل اليها بوساطة من الأمم المتحدة والتي دخلت حيز التنفيذ في عام ٢٠٢٢.
وعلى الرغم من انتهاء الهدنة رسميًا في أكتوبر٢٠٢٢، فقد استمرت الأطراف في الالتزام ببنودها الأساسية، مما منع تجدد الاشتباكات على نطاق واسع وساهم في انخفاض معدلات الضحايا، أفاد ثلثا الطلاب (٦٧ في المئة) الذين شملتهم الدراسة بأن شعورهم بالأمان لم يشهد أي تحسن، كما أفادت ١٤ في المئة من الأسر بأن العنف كان السبب المباشر وراء تسرب أبنائهم من المدارس.
العنف المستمر والاقتصاد المنهار دفعا ثلثي السكان في اليمن إلى ما دون خط الفقر وأدى لنزوح ما يقدر بنحو ٤.٥ مليون شخص أو ١٤في المئة من السكان، معظمهم تعرض للنزوح أكثر من مرة.
وحسب تقرير منظمة رعاية الطفل فإن الأطفال النازحين معرضون أكثر بمرتين لخطر التسرب من التعليم وفي حين أن عودة النازحين إلى مناطقهم تقلل من خطر التسرب بنسبة ٢٠ بالمئة الا إن انعدام الأمن يمنعهم من العودة إلى ديارهم.
إن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية تجعل التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثير من الأطفال. حيث أفادت ٢٠ بالمئة من الأسر أنه ليس بمقدورها تحمل هذه التكاليف. وقال أكثر من ٤٤ في المئة من الأطفال ومقدمي الرعاية الذين شملهم الاستطلاع أن الحاجة إلى العمل ودعم أسرهم مالياً كان السبب الرئيسي وراء التسرب من المدارس في عائلاتهم. اضطر هاني وهو مدرس يبلغ من العمر ٤٨ عاماً إلى سحب اثنتين من بناته الأربع من المدرسة بسبب ارتفاع التكاليف. يقول هاني: " تتجاوز مصاريف المدرسة لكل طفل أكثر من ٢٥ في المئة من راتبي. راتبي هو ٧٦،٣٠٠ ريال (حوالي ٤٦دولارًا أمريكيًا)، وهذا لا يكفي حتى لتغطية الطعام الذي نحتاجه."
وتبلغ تكلفة سلة الحد الأدنى من الغذاء – الحد الأدنى من الغذاء اللازم لإعالة أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر – ٨٥ دولارًا أمريكيًا في المتوسط في اليمن. ترك رامي*، وهو صبي يبلغ من العمر ١٢عاماً، المدرسة لإعالة أسرته. يقول رامي: "كيف يسعني الذهاب إلى المدرسة وأنا أعلم أننا لا نستطيع تغطية نفقاتنا وأن أخوتي بحاجة إلى الطعام؟ يجب على أن أترك المدرسة وأعمل".
وقال محمد مناع، المدير القطري المؤقت لمنظمة رعاية الطفل في اليمن:
"بعد تسع سنوات من هذا الصراع المنسي، نواجه حالة طوارئ تعليمية غير مسبوقة. يجب أن تكون نتائج هذا التقرير بمثابة جرس إنذار، ويجب علينا التحرك الآن لحماية هؤلاء الأطفال ومستقبلهم."
"على الرغم من أن الهدنة أدت الى تخفيض معدلات العنف، إلا أنها لم تحقق الاستقرار الذي تحتاجه الأسر لإعادة بناء حياتهم. تحتاج الأسر في اليمن إلى وقف إطلاق نار دائم قبل كل شيء آخر؛ من دون ذلك، تبقى الأسر في حالة من عدم اليقين.
"لا يسعنا السماح بأن يفقد أطفال اليمن، الذين يتوقون إلى الأمان وفرصة التعلم، تركيزهم على مستقبل مليء بالإمكانيات. كل طفل في اليمن يستحق العيش بأمان، وأن يحصل على تعليم عالي الجودة وآفاق مليئة بالآمال. كلما انتظرنا لمدة أطول، كلما كان من الأصعب تحقيق تأثير دائم."
تلقي أزمة التعليم بظلالها الثقيلة على أطفال اليمن ومستقبلهم. في ظل غياب استجابة فورية ومؤثرة، تتجذر مخاطر حرمان جيل كامل من التعليم مع مخاطر بعيدة المدى على إمكانية تعافي البلاد وتنميتها.
وتدعو منظمة رعاية الطفل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات اليمنية والدول المانحة والمؤسساتوالهيئات الإنسانية الفاعلة، إلى معالجة هذه التحديات بشكل عاجل. ويشمل ذلك الالتزام بعملية سلام متجددة، وضمان حماية المدارس والطلاب، وزيادة التمويل للتعليم، وتوسيع نطاق استجابة برامج حماية الطفل.
لقد كرست منظمة رعاية الطفل جهودها لدعم أطفال اليمن لأكثر من ستة عقود. نحن نعمل حاليًا في ١١محافظة مع التركيز على برامج الأمن الغذائي والصحة والتغذية وحماية الطفل والتعليم، والمياه، والصرف الصحي والنظافة. يشمل عملنا برامج الصحة والتغذية والتعليم من خلال التعلم غير الرسمي وتدريب المعلمين وجهود حماية الطفل، وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود من خلال المساعدات النقدية وفرص كسب العيش.
انتهى
ملاحظات للمحررين:
وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن من بين 10.7 مليون طفل في سن الدراسة في اليمن، هناك ٤.٥ مليون طفل خارج المدرسة.
منهجية البحث: يجمع التقرير بين منهج مختلط يستخدم أساليب البحث النوعية والكمية في جميع أنحاء اليمن. تضمنت هذه الدراسة الشاملة مسح ١،٠٦٨ طفلاً و٥٢٨ من مقدمي الرعاية لجمع البيانات الكمية. تم الحصول على معلومات نوعية من خلال مقابلات مع ١٥ طفلاً ومقدم رعاية ومعلمين متأثرين بالأزمة. كما عُقدت حلقات نقاش جماعية مع ٣٠ طفلاً من مناطق مختلفة للاستماع مباشرة إلى مخاوفهم وآمالهم وتطلعاتهم ووجهات نظرهم بشأن رحلتهم التعليمية.